حكيم كاكەوەيس
الأيدولوجية الوحيدة التي كانت من
شأنها أن توافقَ بين
الأطرافِ
المتنازعةِ في
العراق هي الشيوعية التي ما كانت تحسبُ للمذاهب والأديان والقوميات حسابًا، فأفلستْ
وتقلصتْ حتی كادت أن تضمحل
لأنها لمْ تقْوَ علی
الوقوف أمام النزاعات المذهبية والقومية العميقتي الجذور. ازدهر البعثُ في دولتينِ
عربيتينِ
فيهما اقوامٌ أخری
غير عربية، لتُظهر
العربَ کأنَّهم منتصرون، فدمَّروا
بإسمِ
الإنتصارِ والعروبةِ كلَّ شئ
وشوَّهوا
الترکيبات السكانية حيث أرادوا واستطاعوا. وأصبح
هذا العمل الشنيع وِزرًا علی من جاء بعدهم و زرعوا بالتعريب فتنة بين الأقوام
والمذاهبِ لايُجيدُها
الشيطان. كان العراقُ مصدر
اولی الشرائع علی الأرض فأصبح صاحب شرائعٍ
متضادةٍ و
متنازعةٍ
واليابسُ في ظِلها أكل
الأخضرَ.
العراق هو البلدُ
الوحيد الذي تغيرت فيە انظمةُ
الحكم من سئ الی أسوء وسمينا التغير السلبي بـ"الثورة". أيُّ مسٶولٍ هامشي يرتضى لنفسِەِ
اليوم أن يعيش كما عاش نوري السعيد السئ السيط و بعدە عبدالكريم قاسم الذي ثارت
الكرد عليە؟
عِندما
أُريدُ الغوصَ في
متاهاتِ
التآلفِ
والتصالحِ بَين الأطرافِ
البشريةِ
المتخاصمةِ أو
المتهيئةِ
للنزاعاتِ في
منطقتِناِ، أحسُّ
وكأني أتمسَّك
بأذيالِ
المستحيلِ
وأتيەُ في
الفراغاتِ التي
تنعدمُ فيها
الأوزانُ
وتتبعثرُ فيها
الإتجاهاتُ علی
بعضِها
فلا أميزُ بين
يميني و شمالي. منبعُ
الأحاسيس هذە، هو الطَّبعُ البشريُّ الذي
يبحث جاهدًا عن ابتكار
ما سوف يکون سببا للتناحرِ وروح التخاصم
والعبثِ وإذا
لم يجدوا ضالتهم للنزاع أوجدوها عنوةً أو ابتکروها
أو يجدونها في صراع الدِّيَکِ أو
الكلابِ،
يراهنون علی غلبةِ هذا
علی ذاك وصرعان ما تتحول عِراكُ الدِّيَکِ الی
تخاصم اصحابها و وصول الأمر الی مرغ الانوفِ في
التراب لا لشئ إلا لإعلان الانتصار، ولمجرد الإنتصار وما تحوَّل التراب أبدًا إلی
إسمنت او مفروشات حجرية عصرية! وفي غالب الأمر يتحول الديكُ المنتصرُ أو
الكلبُ
المنتصرُ الی
شبەِ آلهة
يکادُ أن
يعبدها الطرف المنتصرُ
ويلعنُها
الخاسرُ!
والحياةُ
بسعتها لا تكون سببا لتجعل البشر يبحث عن السَّلام والوئام، وهما من السلع الرائجة في مخيلة شعرائنا
وأمهات أطفالنا.
فخدعنا واستبد بنا الخداع والصحراء هي أم الاستبداد.
وُلِدنا ومعنا انتماءاتُنا الدينية والمذهبية والقومية ومختوم علی حظنا بأسمائنا،
عمرًا كان
أم حسينًا أم
كارزان لتنكشف بها هويتُنا
المذهبية أو القومية المحكومة هنا باللعنات وهُناك بالبركاتِ وكأنَّ آيات نُزلت
علينا للتوِّ
لنصبح رُسُلًا
بعدما ختم اللە رسالتە بقرآنەِ
الكريم فخدعت العربُ الملَكَ فلا خبر
جاء ولا وحي نزل ثم خدعنا بعضنا البعض! سبحانك يا رب!.
إذا اجتمعت علومُ
العصور و حِكَمُها في
مخيلةِ بائس
لا يستشيرە أحد لا تكون كثيرة النفع بل لا نفع فيها ولا تصل الی اسماع السامعين
بالقياس الی خزعبلاتٍ في
مخيلة جائرٍ يُحسبُ لە حساب و يفرضُ رأيَە علی الآخرين كأن يُكفِّر من ادَّعی بأن الأرضَ
تدور حول نفسِها وحول الشمسِ فليخرس الداعي الی تلكم الحقائق مهما أصاب الحقيقة في الصميم. و
اصحاب الخزعبلات هذە يحكموننا و ُيقرِّرونُ مصيرَنا ويكفِّرُون إجتهادَنا و رغباتنا و رأيَنا
حسب فهمهم الساذج ومصالحهم الواعية الواسعة وإذا لا يُعجبك الوضْعُ فتشردْ.
النزاعاتُ التي
كانت دائرة قبل مئات السنين لا زالت تدور أرْحيتُها
حتی يومنا هذا وفقدت معناها عند العُقلاءِ بقدر تمسك أهل النزاع بأذيال تفاصيلها وكل حسب خندقە
يفسر كتكلم الجمجمة المرفوعة علی الرمح وسيلان الدم منها. ليس الحسين وحدە أُستشهد بيد طالبي السلطة الإسلامية ولم تُشكل محكمة جزائية للإقرار في تلك الجريمة. وأنا السني
بالصدفة، لم أر قاتل الحُسين
ولا تربطني بە رابطة والمسافة بيني وبين الحسين کانت اقرب من المسافة التي تفصلني
عن اليزيد ومع ذلك، فانتمائي هو السبب الكافي لأكون معرضا للإنتقام دون أن تكون لي
في الموضوع ناقةً ولا
جملًا،
واتناسی كرديتي التي تهددني في كل زمان ومكان وإن نبست بكلة الانفال مع نفسي تتفتح
ابواب التكفير والجحيم علي... إن كان الاسلامُ هو دين الرحمة للعالمين كيف قحطت الرحمةُ في قلوب الطائفتين تجاە بعضهما وينحرُ بعضُهم
بعضا نحر الشاة؟
من المعلوم بأن المسيحيين لا يعترفون بنبوة محمد (صلعم)
لكنهم يحترمون عقيدة المسلمين ويبنون المساجد في بلدانهم و بمصاريفهم لمُشرَّدي
المسلمين من ظلم إخوتهم المسلمين. أما المسلمون رغم اعترافهم بنبوة عيسی بن مريم
لازالوا يضعون تابعيە أمام الخيارات الثلاثة: دخول الإسلام أو دفع الجزية أو
الحرب، وكأن سيوف المسلمين هيدروجينية و مسيحيو العالم حُفاة عُراة،
لا حول لهُم ولا
قوة ولا مجال لهم إلا الإذعان والإستسلام والوقوف أمام رغبات العرب وهم صاغرون!
أريدُ أن
أقول لحکام العراق هنا: أيها السذج! ما أنتم إلا بيادق اللهو بيد من تريدون غزوهم
وسبي نسائهم وما انتم بأبطال إلا في وجە إخوتكم!
الاطرافُ
العراقية تتحدث عن التعايش في وطن واحد
وفي الوقت نفسِەِ يكفِّرُ بعضُهم
بعضا ويجعلُ من
الشريعة مرجعا للحكم والتحكيم. الشريعةُ نفسُها و بشقيها تعتَبرُ الكوردَ قوما من الجن قد كشف اللە عنهم الغطاء دون أن يفكروا
بأن هذا كلامُ
البشرِ وليس
منزل من البارئ. أن الكورد قُتلوا وسالت دماٶهم ودُفنوا أحياء وسُبيت
نساٶهُم
ومرأيون للعيون المجردة ولربما حصل أصحاب الاكتشاف هذا علی جائزة نوبل في علم
الخرافات ثم تفتخر بها العرب! ماذا عسانا أن نفعل إذا أعتبرنا الآخرون خارج إطار
البشرِ؟ وفي
الوقت نفسە، يُكفِّر أهلُ
التسنن الشيعة والشيعةُ يُميزون السنة عن الشيعة بذيولهم والكل يتحدث عن التعايش و
وحدة تراب الوطن وتحرير فلسطين! كل هذا والعراقيون يتكلمون عن حمورابي و شريعتە
وهم شامخي الأنوف. يا للهراء! بماذا نحنُ
منشغلون؟!
قلتُها
قبلا وأقولُها اليوم بأن المذاهب لا توحِّد الناسَ علی
شئ والشيعة الذين ظُلموا مئات السنين سوف لن
يدعون هذە الفرصة تفلت من يدهم والسنة الذين كانوا أسيادا في العراق وعلی العراق،
لا يقبلون أن يكونوا مواطنين أوطأ مرتبة من الأسياد وهذا النزاع لايٶدي إلا الی
سفك الدماء أو تقسيم العراق العربي الی مناطق شيعية وسنية وليطبِّل بعد ذلك كلٌ
علی النغمة التي تعجبە و تلائم نوع عبادتە في اللطم أوالدروشة وليزمِّر.
حكم البعث في العراق ورأينا نتائج عنجهيتە. ثم
رأينا تبعة الأئمة يحكمون ونری ما حصل للعراق وأين وصلت يد السرقة
والاعتداء وتصلخ الجيش أمام هجمات الدولة الاسلامية في الموصل. فوجود البعث بذلك
الاسم، دليلٌ علی
تهميش الاقوام الغير العربية و لا داعي لذكر الأنفال. هذا يكفي بأن يوضع الكورد
علی مسار لا ترغبە العرب. ولا يفوتني القول بأن الكورد الذين قاوموا و ضحَّوا، فثمرةُ
تضحياتهم لا تكون اكثر من باقة ورد تذبل علی منضدة المفاوضات بين قادة الكورد
وقادة الشيعة كما ذبلت من قبلُ علی
منضدة التفاوض بينهم وبين صدام حسين، ونحن نلطم لشهدائنا الذين ذهبت دماٶهم سدی
كما كننا نلطم. ومنبع جملتي الأخيرة هو انعدام الثقة بالقادة الذين لا همَّ لهم إلا النهب والسلب و كأن المال أخلد غيرهم حتی
يخلدهم أو رفع من شأن غيرهم حتی يرفع من شأنهم.
اقترح علی العراقيين أن يُفكِّروا
جليا وکفی الضِّحك
علی النفوس و الذقون. إلتزامُنا
بالشريعتين (إن صح
التعبير) يمنعُنا من
الإفلات عن العادات القديمة البالية وتفكيرُنا
بالحُور
يكفي لكشف مستوانا بين الامم ويكفي ليجعلنا نُراوحُ في
مكاننا إلی أبد الدهر، لا ينتظرُنا
التطورُ ولا
نلحقُ بالآخرين.
عبدالكريم
قاسم في غرفة عملە
Inga kommentarer:
Skicka en kommentar